الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَالِدَةٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ أَوْ فِي مِلْكِ سَيِّدٍ، أَوْ كَانَتْ خُلُوًّا مِنْهُمَا لَحِقَ وَلَدُهَا بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ: أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ، وَلَوْ أَنَّهَا بِنْتُ الْخَلِيفَةِ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً. فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً لَمْ تُجْبَرْ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ هِيَ ذَلِكَ، فَلَهَا ذَلِكَ أَحَبَّ أَبُوهُ أَمْ كَرِهَ، أَحَبَّ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ أَمْ كَرِهَ. فَإِنْ تَعَاسَرَتْ هِيَ وَأَبُو الرَّضِيعِ: أُمِرَ الْوَالِدُ بِأَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ امْرَأَةً أُخْرَى، وَلاَ بُدَّ إِلاَّ أَنْ لاَ يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَ ثَدْيِهَا، فَتُجْبَرُ حِينَئِذٍ أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ، أَحَبَّ زَوْجُهَا إنْ كَانَ لَهَا أَمْ كَرِهَ. فَإِنْ مَاتَ أَبُو الرَّضِيعِ، أَوْ أَفْلَسَ، أَوْ غَابَ بِحَيْثُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ: أُجْبِرَتْ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِهِ، إِلاَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ، أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُضِرُّ بِهِ: فَإِنَّهُ يَسْتَرْضِعُ لَهُ غَيْرَهَا، وَيُتْبَعُ الأَبُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ حَيًّا وَلَهُ مَالٌ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً لَكِنْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ مِنْهُ أَوْ مِنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ، فَاتَّفَقَ أَبُوهُ وَهِيَ عَلَى اسْتِرْضَاعِهِ وَقَبِلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ. فَإِنْ أَرَادَ أَبُوهُ ذَلِكَ فَأَبَتْ هِيَ إِلاَّ إرْضَاعَهُ فَلَهَا ذَلِكَ. فَإِذَا أَرَادَتْ هِيَ أَنْ تَسْتَرْضِعَ لَهُ غَيْرَهَا وَأَبَى الْوَالِدُ: لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ، وَأُجْبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ قَبِلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَ ثَدْيِهَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ، أَوْ كَانَ لَبَنُهَا يُضِرُّ بِهِ: فَعَلَى الْوَالِدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ غَيْرَهَا. فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ ثَدْيَ أُمِّهِ: أُجْبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ إنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ لاَ يُضِرُّ بِهِ. فَإِنْ كَانَ لاَ أَبَ لَهُ: إمَّا بِفَسَادِ الْوَطْءِ بِزِنًى، أَوْ إكْرَاهٍ، أَوْ لِعَانٍ، أَوْ بِحَيْثُ لاَ يَلْحَقُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ، وَأَمَّا قَدْ مَاتَ أَبُوهُ: فَالْأُمُّ تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِهِ، إِلاَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ، أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُضِرُّ بِهِ، أَوْ مَاتَتْ أُمُّهُ، أَوْ غَابَتْ حَيْثُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهَا: فَيَسْتَرْضِعُ لَهُ غَيْرَهَا، سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ، أَوْ أُمٌّ، فَأَرَادَ الأَبُ فِصَالَهُ دُونَ رَأْيِ الْأُمِّ، أَوْ أَرَادَتْ الْأُمُّ فِصَالَهُ دُونَ رَأْيِ الأَبِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالرَّضِيعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. فَإِنْ أَرَادَا جَمِيعًا فِصَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الرَّضِيعِ لِمَرَضٍ بِهِ، أَوْ لِضَعْفِ بِنْيَتِهِ، أَوْ لأََنَّهُ لاَ يَقْبَلُ الطَّعَامَ: لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ لاَ ضَرَرَ عَلَى الرَّضِيعِ فِي ذَلِكَ فَلَهُمَا ذَلِكَ. فَإِنْ أَرَادَا التَّمَادِيَ عَلَى إرْضَاعِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِصَالَهُ وَأَبَى الآخَرُ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الرَّضِيعِ لَمْ يَجُزْ فِصَالُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى فِصَالِهِ. وَإِنْ كَانَ لاَ ضَرَرَ عَلَى الرَّضِيعِ فِي فِصَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ: فَأَيُّ الأَبَوَيْنِ أَرَادَ فِصَالَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ، هَذَا حَقُّ الرَّضِيعِ، وَالْحَقُّ عَلَى الأَبِ وَالْأُمِّ فِي إرْضَاعِهِ. وَأَمَّا الْوَاجِبُ لِلْأُمِّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لاَ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ، أَوْ كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا، أَوْ غَائِبًا حَيْثُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ، وَلاَ وَارِثَ لِلرَّضِيعِ: فَالرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ، وَلاَ شَيْءَ لَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَجْلِ إرْضَاعِهِ. فَإِنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ بِزَوَاجٍ صَحِيحٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ صَحِيحٍ: فَعَلَى الْوَالِدِ نَفَقَتُهُمَا، أَوْ كِسْوَتُهُمَا فَقَطْ، كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلاَ مَزِيدَ. وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِصْمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَعْتَقَهَا، أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِغَيْرِ طَلاَقٍ، لَكِنْ بِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْطُوءَةً بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِوَالِدِهِ، أَوْ طَلَّقَهَا طَلاَقًا رَجْعِيًّا وَهُوَ رَضِيعٌ فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ فَقَطْ، وَلاَ مَزِيدَ. فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا كُلِّفَتْ إرْضَاعَهُ، وَلاَ شَيْءَ لَهَا عَلَى الأَبِ الْفَقِيرِ، فَإِنْ غَابَ وَلَهُ مَالٌ وَامْتَنَعَ أُتْبِعَ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَتَى قَدَرَ عَلَى مَالٍ. فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً ثَلاَثًا وَأَتَمَّتْ عِدَّتَهَا مِنْ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ بِوَضْعِهِ: فَلَهَا عَلَى أَبِيهِ الْأُجْرَةُ فِي إرْضَاعِهِ فَقَطْ. فَإِنْ رَضِيَتْ هِيَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا: فَإِنَّ الأَبَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَلاَ يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ: أَنَا وَاجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ بِأَقَلَّ، أَوْ بِلاَ أُجْرَةٍ. فَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ إِلاَّ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَأَبَى الأَبُ إِلاَّ أُجْرَةَ مِثْلِهَا فَهَذَا هُوَ التَّعَاسُرُ، وَلِلأَبِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ غَيْرَهَا لِوَلَدِهِ إِلاَّ أَنْ لاَ يَقْبَلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا، أَوْ لاَ يَجِدُ الأَبُ إِلاَّ مَنْ لَبَنُهَا مُضِرٌّ بِالرَّضِيعِ، أَوْ كَانَ الأَبُ لاَ مَالَ لَهُ: فَتُجْبَرُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَلَى إرْضَاعِهِ، وَتُجْبَرُ هِيَ وَالْوَالِدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ فِي الرَّضَاعِ مِنْ أُجْرَةٍ، أَوْ رِزْقٍ أَوْ كِسْوَةٍ: فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَانَتْ صَغِيرَةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ بِخِلاَفِ النَّفَقَةِ عَلَى الْفَطِيمَةِ أَوْ الْفَطِيمِ. فَإِنْ مَاتَ الأَبُ فَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ: مِنْ كِسْوَةٍ، أَوْ نَفَقَةٍ، أَوْ أُجْرَةٍ، وَلِلرَّضِيعِ وَارِثٌ فَهُوَ عَلَى وَارِثِ الرَّضِيعِ عَلَى عَدَدِهِمْ لاَ عَلَى مَقَادِيرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ، وَالْأُمُّ مِنْ جُمْلَتِهِمْ: وَالزَّوْجُ إنْ كَانَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ جُمْلَتِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، بِخِلاَفِ كِسْوَتِهِ، وَنَفَقَتِهِ إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ، وَلاَ شَيْءَ لَهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الرَّضِيعِ، بِخِلاَفِ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلاَ مَالَ لَهَا. فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا عَبْدًا لِسَيِّدِهَا، أَوْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا: فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ، بِخِلاَفِ كِسْوَتِهِ، وَنَفَقَتِهِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْ الرَّضَاعِ. فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا حُرٌّ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ، أَوْ وَارِثٌ، فَالنَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ، أَوْ الْأُجْرَةُ عَلَى الأَبِ، أَوْ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا قَدَّمْنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، وَلاَ وَارِثٌ: فَرَضَاعُهُ عَلَى أُمِّهِ. فَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوْ أَضَرَّ بِهِ لَبَنُهَا، أَوْ كَانَتْ لاَ لَبَنَ لَهَا، وَلاَ مَالَ لَهَا: فَعَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ مَنَعَ: فَعَلَى الْجِيرَانِ يُجْبِرُهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد: برهان كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مَنْصُوصٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قلنا: هَذَا أَشَدُّ عَلَيْكُمْ، إذْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ، فَمُخَالِفُ خَبَرِهِ سَاعٍ فِي تَكْذِيبِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي هَذَا مَا فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فَمَرَّةً قَالَ مِثْلَ قَوْلِنَا، وَمَرَّةً قَالَ: الشَّرِيفَةُ لاَ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ; لأََنَّ الشَّرَفَ هُوَ التَّقْوَى، فَرُبَّ هَاشِمِيَّةٍ أَوْ عَبْشَمِيَّةٍ بِنْتِ خَلِيفَةٍ تَمُوتُ هَزَلاً، وَرُبَّ زِنْجِيَّةٍ أَوْ بِنْتِ غَيَّةٍ قَدْ صَارَتْ حُرْمَةَ مَالِكٍ، أَوْ أَمَةً. وقال أبو حنيفة: لاَ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الرَّضَاعِ وَهَذَا خِلاَفٌ مُجَرَّدٌ لِلْقُرْآنِ. وَأَمَّا قَوْلُنَا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهَا لاَ تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ هِيَ فَإِنْ شَاءَتْ هِيَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهَا أَحَبَّ ذَلِكَ الَّذِي طَلَّقَهَا أَوْ أَبَى أَحَبَّ ذَلِكَ زَوْجٌ إنْ كَانَ لَهَا أَوْ أَبَى فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي " سُورَةِ الطَّلاَقِ " بَعْدَ ذِكْرِ الْمُعْتَدَّاتِ: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَائْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى ذَاتَ زَوْجٍ مِنْ غَيْرِهَا، وَلاَ جَعَلَ فِي ذَلِكَ خِيَارًا لِلأَبِ، وَلاَ لِلزَّوْجِ بَلْ جَعَلَ الْإِرْضَاعَ إلَى الْأُمَّهَاتِ وَفِي هَذَا خِلاَفٌ قَدِيمٌ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ تُرْضِعَهُ فَقَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ أَنْ لاَ تُرْضِعَهُ قلنا: حَكَمَ حُكْمًا لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، وَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَنْ احْتَجَّ هَاهُنَا بِهَذَا، فَنَحْنُ نَذْكُرُ لَهُ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِي أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَضَاعِ صَبِيٍّ فَقَضَاهُ فِي مَالِ الْغُلاَمِ، وَقَالَ لِوَلِيِّهِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لاََلْزَمْتُك، أَلاَ تَقْرَأُ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ. وَمَا نَاهٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ أَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ حَمَوَيْهِ. أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ أَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنَا رَوْحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَضَى بِنَفَقَةِ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ، وَقَالَ لِوَارِثِهِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَقَضَيْت بِالنَّفَقَةِ عَلَيْك، أَلاَ تَقْرَأُ: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَقَدْ قَلَّدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي قَوْلٍ أَخْطَأَ فِيهِ لاَ برهان لَهُ عَلَى صِحَّتِهِ، فَلْيَتْبَعْهُ فِيمَا أَصَابَ فِيهِ، وَوَافَقَ الْقُرْآنَ وَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا تَزَوَّجَهَا لِلْوَطْءِ. قلنا: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا وَإِنَّمَا وَلَدَتْهُ لِتُرْضِعَهُ، فَحَقُّ الصَّبِيِّ قَبْلَ حَقِّ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ، وَلاَ يَمْنَعُهُ إرْضَاعُهَا وَلَدَهَا مِنْ وَطْئِهِ لَهَا. وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ تَعَاسَرَتْ هِيَ وَأَبُو الرَّضِيعِ: أُمِرَ الْوَالِدُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ امْرَأَةً أُخْرَى، وَلاَ بُدَّ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَأَمَّا قَوْلُنَا إِلاَّ أَنْ لاَ يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَ ثَدْيِهَا فَتُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى إرْضَاعِهِ أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ أَحَبَّ زَوْجُهَا أَمْ كَرِهَ أَحَبَّ أَبُوهُ أَمْ كَرِهَ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً لَكِنْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ مِنْهُ أَوْ مِنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أُعْتِقَتْ فَاتَّفَقَ أَبُوهُ وَهِيَ عَلَى اسْتِرْضَاعِهِ وَقَبِلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا: فَإِنْ أَرَادَ أَبُوهُ ذَلِكَ وَأَبَتْ الْأُمُّ إِلاَّ أَنْ تُرْضِعَهُ هِيَ فَلَهَا ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَتْ هِيَ أَنْ تَسْتَرْضِعَ لَهُ غَيْرَهَا وَأَبَى الْوَالِدُ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ، وَأُجْبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ ; فَلأََنَّ إرَادَةَ الأَبِ وَالْأُمِّ لَمْ تَتَّفِقْ عَلَى الأَسْتِرْضَاعِ لَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ إِلاَّ بِإِرَادَتِهِمَا. وَأَمَّا قَوْلُنَا إِلاَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ، أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُضِرُّ بِهِ فَعَلَى الْوَالِدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لَهُ غَيْرَهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ ثَدْيَ أُمِّهِ أُجْبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ إنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ لاَ يُضِرُّ بِهِ فَلِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ قوله تعالى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَ لاَ أَبَ لَهُ إمَّا بِفَسَادِ الْوَطْءِ بِزِنًى أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ بِحَيْثُ لاَ يَلْحَقُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ، وَأَمَّا قَدْ مَاتَ أَبُوهُ فَالْأُمُّ تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِهِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُنَا إِلاَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُضِرُّ بِهِ أَوْ مَاتَتْ أُمُّهُ أَوْ غَابَتْ حَيْثُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهَا فَيَسْتَرْضِعُ لَهُ غَيْرَهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَلِمَا ذُكِرَ مِنْ قوله تعالى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ أُمٌّ فَأَرَادَ الأَبُ فِصَالَهُ دُونَ رَأْيِ الْأُمِّ، أَوْ أَرَادَتْ الْأُمُّ فِصَالَهُ دُونَ رَأْيِ الأَبِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ كَانَ فِي الْفِصَالِ ضَرَرٌ بِالصَّغِيرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعًا فِصَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ كَانَ لاَ ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّضِيعِ فَلَهُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الرَّضِيعِ لِمَرَضٍ بِهِ، أَوْ لِضَعْفِ بِنْيَتِهِ أَوْ لأََنَّهُ لاَ يَقْبَلُ الطَّعَامَ: لَمْ يَجُزْ لَهُمَا ذَلِكَ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا مُرَاعَاةُ ضَرَرِ الرَّضِيعِ فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قوله تعالى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ أَرَادَتْ الْأُمُّ أَوْ الأَبُ التَّمَادِيَ عَلَى إرْضَاعِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ فَلأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ حُقُوقِ زَوْجٍ إنْ كَانَ لَهَا وَهُوَ صِلَةٌ لأَبْنِهَا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى صِلَةَ الرَّحِمِ فَلَيْسَ لأََحَدٍ مَنْعُهَا مِمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ. وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لاَ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ أَوْ كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا حَيْثُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ، وَلاَ وَارِثَ لِلرَّضِيعِ فَالرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ، وَلاَ شَيْءَ لَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَجْلِ الرَّضَاعَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَتْ عِصْمَةُ الأَبِ بِزَوَاجٍ صَحِيحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ صَحِيحٍ فَعَلَى الْوَالِدِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلاَ مَزِيدَ فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِصْمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَأَعْتَقَهَا أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِغَيْرِ طَلاَقٍ لَكِنْ بِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْطُوءَةً بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِوَالِدِهِ، أَوْ طَلَّقَهَا طَلاَقًا رَجْعِيًّا وَهُوَ رَضِيعٌ فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ بِالْمَعْرُوفِ فَقَطْ، وَهُوَ لِلْمُطَلَّقَةِ مُدَّةَ عِدَّتِهَا. فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا كُلِّفَتْ إرْضَاعَ الْوَلَدِ، وَلاَ شَيْءَ لَهَا عَلَى الأَبِ الْفَقِيرِ فَإِنْ غَابَ وَلَهُ مَالٌ أُتْبِعَ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَتَى قُدِرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالٍ لَهُ. وَكَذَلِكَ إنْ امْتَنَعَ وَلَهُ مَالٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً ثَلاَثًا، أَوْ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ بِوَضْعِهِ، فَلَيْسَ لَهَا عَلَى أَبِيهِ إثْرَ طَلاَقِهِ لَهَا ثَلاَثًا، أَوْ آخِرَ ثَلاَثٍ، أَوْ إثْرَ تَمَامِ عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ إِلاَّ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ فَقَطْ. فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ رَضِيَتْ هِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، فَإِنَّ الأَبَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَلاَ يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ: أَنَا أَجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ بِأَقَلَّ أَوْ بِلاَ أُجْرَةٍ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ إِلاَّ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَأَبَى الأَبُ إِلاَّ أُجْرَةَ مِثْلِهَا، فَهَذَا هُوَ التَّعَاسُرُ، وَلِلأَبِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ غَيْرَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، أَوْ بِأَقَلَّ، أَوْ بِلاَ أُجْرَةٍ إنْ وَجَدَ. وَأَمَّا قَوْلُنَا إِلاَّ أَنْ لاَ يَقْبَلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا، أَوْ لاَ يَجِدَ الأَبُ إِلاَّ مَنْ لَبَنُهَا مُضِرٌّ بِالرَّضِيعِ، أَوْ مَنْ تُضَيِّعُهُ، أَوْ كَانَ الأَبُ لاَ مَالَ لَهُ: فَتُجْبَرُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَلَى إرْضَاعِهِ، وَتُجْبَرُ هِيَ وَالْوَالِدُ حِينَئِذٍ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا، إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا كُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ فِي الرَّضَاعِ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ، وَهِيَ الرِّزْقُ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ لَمْ تَكُنْ، زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِخِلاَفِ النَّفَقَةِ عَلَى الْفَطِيمِ أَوْ الْفَطِيمَةِ ; فَلأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا. وَلَمْ يَسْتَثْنِ إنْ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ، وَلاَ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَلَهَا زَوْجٌ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَأَوْجَبَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ مَالِهِ، وَعَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ، وَلاَ يَجُوزُ ضَرْبُ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، لقوله تعالى: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ مَاتَ الأَبُ فَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ أُجْرَةٍ فَهُوَ عَلَى وَارِثِ الرَّضِيعِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ عَلَى عَدَدِهِمْ، لاَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ لَوْ مَاتَ وَالْأُمُّ مِنْ جُمْلَتِهِمْ إنْ كَانَتْ تَرِثُهُ إنْ مَاتَ وَزَوْجُ الصَّغِيرَةِ الْمُرْضِعِ أَيْضًا مِنْ جُمْلَتِهِمْ إنْ كَانَ يَرِثُهَا لَوْ مَاتَتْ سَوَاءٌ كَانَ لِلرَّضِيعِ أَوْ الرَّضِيعَةِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِخِلاَفِ نَفَقَتِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا بَعْدَ الْفِطَامِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فإن قيل: إنَّمَا عَلَى الْوَارِثِ أَنْ لاَ يُضَارَّ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قلنا: نَعَمْ، وَمِنْ الْمُضَارَّةِ تَرْكُ الرَّضِيعِ يَضِيعُ، وَكَيْفَ وَقَوْله تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُنَا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ لاَ شَيْءَ لَهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فِي مَالِ الرَّضِيعِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخِلاَفِ نَفَقَتِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ; فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَمَّا قَوْلُنَا فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً، وَوَلَدُهَا عَبْدٌ لِسَيِّدِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ: فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ بِخِلاَفِ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ فَلِهَذَيْنِ النَّصَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْضًا، وَلَيْسَ السَّيِّدُ وَارِثًا لِعَبْدِهِ ; لأََنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا حُرٌّ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَارِثٌ: فَالنَّفَقَةُ لَهَا، وَالْكِسْوَةُ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الأَبِ، أَوْ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا قَدَّمْنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَرَضَاعُهُ عَلَى أُمِّهِ، فَلِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا، فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: فَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوْ أَضَرَّ بِهِ لَبَنُهَا، أَوْ كَانَتْ لاَ لَبَنَ لَهَا، وَلاَ مَالَ لَهَا: فَإِرْضَاعُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ مَنَعَ فَعَلَى الْجِيرَانِ: يُجْبِرُهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
|